هوس من أول نظره
ياسمين عزيز الجزء الثاني
لا أحد قادر على إيذائها
أو إنتزاع أطفالها منها طالما هو موجود
الفصل الخامس و الثلاثون من رواية هوس من اول نظرة الجزء الثاني
طرقت إنجي باب الفيلا الخاصة بصالح
حيث كان الجميع يجلسون و ينتظرون
مجيئ يارا بعد أن هاتفهم سيف و أخبرهم
بأنهم وجدوها و أنها في طريقها الان إلى
هناك
فتحت لها الخادمة الباب لتندفع إلى
الصغيرة بين يديه
هتفت إنجي بحماس و هي ترى شقيقها
فريد و زوجته أروى و أطفالهم و إلى جانبهم
سيلين و أبناءها بالإضافة إلى سناء التي كانت
تجلس على مقعدها و ترمق الجميع بأعين
حائرة
انا مصدقتش لما سيف كلمني و قلي
إن يارا عايشة إزيك يا مامي عاملة إيه
إنحنت إنجي حتى تقبل والدتها التي دفعتها
إنت مين
إبتسمت إنجي و هي تضحك مداعبة خد
والدتها التي لم تعد تتذكرها في أغلب الأحيان
انا نوجة يا مامي
فعلتها تلك لم تثر إهتمام الجميع الذين
تعودوا على مرضها حتى الأطفال الصغار
الذين كانوا يعيدون تعريف أنفسهم
مرارا و تكرارها دون ملل او كلل كلما سألتهم
نظرت نحو أفراد عائلتها لتسألهم من جديد
هما هيوصلوا إمتى
تولت أروى إجابتها هذه المرة و هي تعيد
زين إلى مكانه الذي كان مصرا على النزول
من كرسيه و اللعب
قربوا يوصلوا باس ياظ فرهدتني
خليك مؤدب حتى نص ساعة إنت مبتزهقش
لعب شوف يارا مؤدبة إزاي
كتف زين ذراعيه أمام صدره و هو يحملق
المدللة التي يكرهها جميع أطفال العائلة
بسبب تلك الألعاب الجميلة و الهدايا الغالية
التي تحصل عليها من خالها صالح دون الاخرين
قبل أن ينتبه إلى أن جميع الكبار قد
وقفوا متجهين نحو الباب عندما دلف
عمه صحبة سيدة غريبة و طفلين صغيرين
تنهد بضجر و هو يقلب عينيه حول الغرفة
الجميع بهؤلاء الغرباء
دلف صالح و
هو يمسك بصغيريه حاثا
إياهما على دخول المنزل بعد أن لاحظ
رهبتهم منذ ولوج السيارة عبر باب الفيلا
الكبيرة بينما إبتسمت يارا بفرحة لرؤية
هذه الوجوه المألوفة التي إفتقدتهم منذ
سنوات
بعد مضي وقت تلقت خلاله جميع انواع
الترحيب و التهاني من أجل الصغيرين
دون أن تتوقف
الفتيات على إلقاء الأسئلة عليها بينما
إنشغل صالح بإدخال الأكياس داخل المطبخ
فترة من الزمن قبل أن ينضم إليهم من جديد
هاتفا بملل
يووه ما كفاية أسئلة بقى يارا تعبانة هي
الولاد عاوزين يرتاحوا ممكن تأخذوا عيالكوا
و تهوونا دلوقتي
و بعدين تيجوا يعني بعد شهرين ثلاثة
تعالوا زورونا أهلا و سهلا بالجميع
خجلت يارا من طرده الصريح لعائلته
خاصة بعد أن سمعت أروى تعلق
ايوا يا سيدي مين لقى أحبابه و ليه
تكلف نفسك كده ما تخليها سنة أحسن
لوى صالح شفتيه بتبرم و هو يشير لها
بيده نحو الباب
تبقوا عملتوا جميلة يلا يا اختي إنت
و هي يلا انا مش هعرف إنتوا إيه اللي
جابكوا هنا اصلا و مين اللي قلكوا
فريد و هو يقف من مكانه حامله صغيره زين
هيكون مين غيره سيف
صالح بضيق هادم اللذات حسابه معايا
بعدين
حدقت أروى في إنجي و سيلين اللتين
كانتا لا تزالان تتجاذبان أطراف الحديث
مع يارا التي بدت خجلة من تصرف صالح
قبل أن تصرخ فيهما
ما تيالا ياختي انت و هي قبل ما
أخوكي يطلبنا الأمن هنرجعلك بعدين
يا يويو إحنا أصلا ساكنين كلنا جنبك هنا
إفتحي الشباك هتلاقينا قصادك في وشك على
طول
تقدمت لتسلم عليها من جديد كما فعلت
سيلين و إنجي ليتأفف صالح متمتما بضجر
ماشي يا مرات أخويا هبقي أجيبهالك
الصبح و انا رايح الشغل
مرجحت أروى شفتيها يمينا و يسارا مصدرة
صوتا يؤكد سخريتها قبل أن تهتف دون خجل
طب يا خويا متزقش أدينا طالعين قال
يعني بيطلعنا من الجنة دي حتى فيلتك
كئيبة و عفشها يقرف عاملة زي خيمة هولاكو
بتاع التتار متنسيش تغيري الديكور
يا يويو و إنت ياخويا ما تثقل شوية
أي نعم هما خمس سنين صيام كثيرة عليك
بس البت بسكوتة بالراحة ها بلاش غباوة
زمان
فغرت يارا فاها بدهشة و هي تحدق في
وجوه الحاضرين الذين لم يبدو اي
ردة فعل بل حملوا أطفالهم بصمت و خرجوا
ما عدا إنجي
التي كانت تدفع كرسي والدتها المتحرك
لتتوقف بجانبها و تهمس في أذنها
متاخذيش في بالك ما إنت عارفة أروى
مچنونة و كمان هي لسه پتكره ابيه صالح
عشانك يلا باي
إنطلقت مسرعة لتلحق بالجميع و ما إن
خرجت حتى أغلق صالح الباب وراءهم
ثم عاد نحوها قائلا بحماس
عاوزين تتعشوا إيه
صفق ريان بحماس مقلدا والده الذي
لم يستطع منع نفسه من حمله بين
حبيب بابي عاوز ياكل إيه
أجابه الصغير على الفور بيتزا
إقترب منه سليم هو الاخر ليفتح له
والده ذراعه الأخرى و يحمله و يسأله
نفس السؤال لكن الصغير وضع رأسه
على كتف والده مهمها بتعب
بابي انا عايز انام في حضنك الليلة
و مامي تحكيلي حدوتة
إبتسم صالح و هو يضمه نحوه أكثر
هامسا في أذنه يطمئنه بحنان أبوي
حاضر يا حبيبي اللي إنت عاوزه
هنعمله بس قبل ما ننام لازم نتعشى
متهيألي جبنا بيتزا معانا صح
انا هروح
اشوف الأكياس
إنحنى ليضعهما على الأريكة ثم إتجه نحو
المطبخ ثم عاد بعد دقائق قليلة و هو يحمل
في يديه علبتي بيتزا بالحجم الكبير وضعهم
على الطاولة ثم توسط صغيريه و بدأ يطعمهما
و الذين كانا سعيدين للغاية قبل أن يفتح العلبة
الأخرى و يضعها أمام يارا التي رفضت ان
تأكل و إستمرت في التحديق بأطفالها
بينما ذكريات الماضي تدفقت لتنغص
لحظاتها أفاقت على صوت صالح الذي كان
يناديها و تبين انهم قد إنتهوا من الأكل
و حان وقت الصعود للنوم بعد إلحاح
سليم الذي كان يشعر بالنعاس الشديد
أومأت له و هو تتبعه ليأخذهم إلى
جناح كبير في الطابق الثاني يقع في آخر
الرواق لتكتشف يارا ان الفيلا كما قالت
أروى ذات الوان داكنة و كئيبة لكنها
لم تهتم فجل تركيزها كان حول إيجاد
فكرة لمغادرة هذا المكان في أسرع وقت
و التخلص من صالح إلى الأبد
وضع صالح الصغيرين فوق السرير
بعد أن نزع أحذيتهم و هو يسألها
هما المفروض بيستحموا قبل ما يناموا
بس سليم خلاص نام
أجابته و هي تنظر لهم من بعيد
انا هغيرلهم هدومهم بس النهاردة كان
يوم متعب ليهم عشان كده ناموا بدري
سألها ليس بدافع الفضول بل رغبة في
مشاركتها الحديث
هما في العادة بيناموا إمتى
يارا الساعة ثمانية او تسعة بالكثير
رمق ساعته بنظرة خاطفة و هو يرفع
رأسه نحوها من جديد
الساعة لسه سبعة إلا ربع انا هنزل
أجيب الشنط من تحت الحمام من هنا
و الأوضة الثانية للهدوم مش هتأخر
غادر صالح لتتوجه يارا على الفور نحو صغارها
اللذين كلنا شبه نائمين بدأت في نزع ملابسهما
العلوية ببطئ منتظرة حضور الحقائب و لم يتأخر
صالح ليأتي بعد زمن قصير يجر الحقيبة
الكبيرة التي وضعت فيها بعضا من ملابسها
و ملابس أطفالها و يرفعها فوق السرير
إلى جانبها حتى تختار منها كل تريد أخذت
بعض القطع ثم انزلها و اغلقها من جديد
دافعا إياها جانبا قبل أن ينضم لمساعدتها
كان بطيئا جدا و هو يحرك يد ريان الصغيرة
حتى يدخلها في كم القميص حتى أنه إستغرق
وقتا طويلا حتى نجح في جعله يرتدي
قطعة واحدة من ملابسه بينما إنتهت يارا
من تلبيس سليم
كانت تراقب بطرف عينيها شرود صالح
الذي بدا لها جليا من خلال تعبيرات وجهه
انه يمسك نفسه بصعوبة حتى لا ينخرط
في البكاء و هو يجرب دور الأبوة لأول مرة
قلبت شفتيها باستياء و شفقة نجحت في
التسلل إلى مشاعرها لكنها على الفور نهرت
نفسها لترتدي قناع اللامبالاة مرة أخرى
لتسير نحو الحمام حتى تغسل وجهها
و يديها ثم تعود
نشفت وجهها الشاحب بآلية قبل أن تنتبه فجأة
إلى وجود أغراض رجالية في الحمام
كجل إستحمام خاص بالرجال و كذلك
أدوات حلاقة رمت المنشفة من يدها على الفور
ثم فتحت الإدراج لتجد المزيد من الأغراض
الأخرى التي عرفت انها لصالح فهي نفس
تلك الأنواع القديمة التي كان يستخدمها كماركات
الصابون و الشامبوان
غادرت الحمام لتدخل غرفة الملابس و التي
لم تخيب ظنها حيث كانت مكتضة بملابسه
مما جعلها تتأكد من أن هذا الجناح له
ضمت شفتيها پغضب إستطاعت السيطرة
عليه و دحره إلى آخر نقطة في عقلها
و هي تقف بعيدا تسأله
ممكن تدلني على أوضتي عشان انا
كمان تعبانة و عايزة أنام
إلتفت نحوها بعد أن أخرجه صوتها من
غمرة أحاسيسه و هو لازال يتأمل ملائكته
الصغار و هما نائمين بأمان أشار لها نحو
علبة البيتزا و زجاجة الماء التي أخضرها
معه من الأسفل و هو يجيبها
تعشي الأول و بعدين غيري هدومك
و نامي مع الاولاد هنا أنا هقعد معاهم شوية
و بعدين همشي في أوضة تحت نظيفة بس
صغيرة مش هتكفيكي إنت و العيال عشان كده
جبتكوا هنا الليلة و بكرة إن شاء الله
هغير ديكور الفيلا و أجيب عفش
جديد
تنهدت بصبر و هي تأخذ علبة البيتزا
حتى تأكل منها القليل لكنها إكتشفت انها
كانت جائعة جدا بعد أن حرمت من طعام
غدائها بسبب إقتحامه للمطعم إنتهت
لتأخذ بعض الملابس من الحقيبة
و تدلف حتى تغير ثيابها و لم تنس طبعا
وضع الحجاب
رغم ضيقه من تصرفها إلا أن صالح كان حريصا
على أن لا يشعرها بالضيق مهما فعلت فهو
لحد الان لا زال لا يصدق أنها موجودة معه
في مكان واحد و قد عادت لتنير حياته
الكئيبة من جديد و معها طفلين لم يكن ليحلم
بوجودهما حتى نزع حذاءه ثم تمدد بجانب
بنعاس و هي تقول انا هنزل أنام في الاوضة
اللي تحت و إنت نام مع الاولاد
سارت باتجاه بالباب لكن صوته الرخيم أوقفها
إستني
إلتفتت لتجده يشرف عليها بجسده الضخم
و ملامحه الحادة الوسيمة التي لطالما أرقت
منامها بتلك الكوابيس المخيفة شهقت
بړعب ظهر جليا من خلال قسمات وجهها
المذعورة و هي تتراجع إلى الخلف رافعة
عينيها الخضراء نحوه و التي بدأت و كأنها
رأت وحشا أمامها
و على الفور أدرك صالح أنها لازالت تعتقد أنه
سيعاملها كما في الماضي ليتراجع بخطواته
هو أيضا إلى الوراء مبعدا يديه وراء ظهره
و هو يقول باعتذار
انا آسف مكانش قصدي انا بس كنت
هقلك إني مينفعش انام مع الاولاد عشان هما
مش متعودين عليا و يمكن يصحو بالليل
عاوزينك انا
هنزل خلاص و لو عزتي أي
حاجة إندهي عليا تصبحي على خير
اخفض رأسه ثم سار باتجاه الباب تاركا
يارا تسترجع أنفاسها و هي لا تصدق انه
ذهب بهذه السهولة و تركها سالت دموعها
و هي تتخيله يجبرها على النوم بجانبه
كما في الماضي مرددا كلمات عشقه المزيف في
أذنها لقد نقلت لها سارة أخباره طوال تلك
المدة التي كانت تسمعها من أمير زوجها و علمت
انه هو الاخر ټعذب كثيرا بعد إختفائها لكن
ذلك لك يكن ليشفع له عندها فهو المسؤول
الأول و الاخير عن عڈابها لأكثر من خمس سنوات
دلفت إلى الحمام بعد أن اخذت بعض
الملابس البيتية من الحقيبة ثم غيرت
ثيابها و تركت شعرها منسدلا على ظهرها
قبل أن تطفئ الانوار ما عدا أنوار المصابيح
الموضوعة بجانب السرير من الجهتين
دثرت نفسها بالغطاء و إحتضنت صغيريها
محاولة منح جسدها و عقلها بعض الراحة
إلا أن الأمر بدا صعبا جدا مع رائحة
عطر صالح التي كانت تنتشر على الوسادة
و الفراش
تقلبت للمرة التي لا تعلم عددها و هي تحبس
أنفاسها حتى لا تتسلل لها تلك الرائحة
التي تمقتها و تذكرها بماضيها المليئ
بالعڈاب و رغم
انها قد أحضرت بعضا من ملابسها و نشرتهم
على كامل الفراش و